سير وعبر : يطير بجناحيْه في الجنّة
By osama / مايو 16, 2025 / لا توجد تعليقات / مقالات, مكتبة العائلة


إنّ لقاءنا هذه المرةّ يُسعدنا أنْ نتشرف من خلاله باقتفاء سيرة صحابي كبير ينتمي أصلاً للأسرة النبوية الكريمة نفسها وذلك من حيث إعتباره أبن عّم رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم من ناحية ثم من حيث كونه أخ لسيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه من ناحية أخري .. أنه جعفر بن أبي طالب الذي أكرمه ربّه بأن يطير في معركة مؤته ضد الروم بأن يظلّ يطير بجناحيْن في الجنة كما ورد في حديثيْن نبوْيين شريفين .. فعن أبن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم ( رأيت جعفر بن أبي طالب ملكاً في الجنة مضرّجةً قوادمه يطير في الجنة ) وعن عبدالله بن جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وهنيئاً ياعبدالله بن جعفر أبوك يطير مع الملائكة في السماء )..
ومن ناحية أخرى فها هو تاريخنا الإسلامي بأن جعغر بن أبى طالب رضي الله عنه قد كان في مقدمة بعض الصحابة الذين أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم لضرورة الهجرة إلي الحبشة لتفادي تعرضهم للمزيد من حالات العنف الشديد من طرف عدد من كفار .. وتروي لنا أم سلمة في ذلك بقولها : لمّا ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله عليه وسلم وفُتِنوا ،.. آشار لهم بقوله ، إنّ بأرض الحبشة ملكا لايُظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده .. فكان الأمر كذلك .. وهناك سألهم النجاشي بقوله : ماهذا الدين الذى قد فارقتم فيه قومكم .. وكان جواب جعفر بقوله : كنّا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش .. فكنّا على ذلك حتي بعث الله الينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وامانته وعفافه فدعانا إلي الله لنوحده ونعبده .. وتضيف هنا أمّ سلمه قولها : فقال له أيْ النجاشي لجعفر هل معك مما جاء به عن الله من شئ؟ .. فقال جعفر : نعم
فقال له النجاشي : فأقرأه علىّ .. فقرأ عليه صدرًا من سورة مريم كما جاء في قوله تعالى ( كهبعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا… ) قالت أم سلمة : فبكى والله النجاشي حتي إخضلت – أي أبتلت – لحيته .. ثم قال : أنّ هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ، إنطلقا فلا والله لا اسلمهم اليكما .. اي لايسلم من هاجر اليه وفى مقدمتهم جعفر بن أبي طالب – إلي القادميْن للنجاشي يومئذ وهما عمرو بن العاص وعبدالله بن بى ربيعه .. وكان الأمر كذلك .. حيث بقي جعفر بن أبي طالب وبصحبته زوجته أسماء بنت عُميْس وبعض الصحابة في الحبشة لحين هجرتهم إلي المدينة بعد ذلك .. وقد حدث بعد قدوم جعفر من الحبشة إلي المدينة بعد فتح خيبر أن حظي بأحتضان من طرف النبي صلى الله عليه وسلم – إثر قدوه من الحبشة إلي المدينة فأنه قد حظي بوداعه له بعد إستشهاده في معركة مؤته .. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : بينما رسول الله جالس وأسماء بنت عُميْس قريبة اذْ قال ( ياأسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مرّ فأخبرني انه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلّم فردّى عليه السلام وقال : انه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون ، فأخذ اللواء بيده اليمنى فقُطعت ثم أخذ اليسُرى فقطعت ، قال : فعوضنى الله من يديْ جناجين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة أكل من ثمارها ).
لقد لقي صحابينا الجليل والمجاهد الكبير ربّه تبارك وتعالى فأكرمه بأن جعله يطير بجناحيه في الجنة حيث يشاء .. وصدق رسولنا الكريم في الثناء عليه بقوله ( إن لكل نبي سبعة نقباء نجباء وإني أعطيتأربعة عشر فعدّني وابنيّ وحمزة وجعراً وآبابكر وعمر وابن مسعود وخديجة والقداد وسلمان وعّماراً وبلالاً وأباذر ) رضي الله عنهم أجمعين.